قد تكون النيابة الخصوصية بدعة قانونية ومنفذا لحالة الطوارئ، ولكنها أثبتت انها أكثر المسائل الشائكة وأنها مضيعة للوقت في ظل الظروف الراهنة والعقليات المرتهنة. والأسباب في ذلك كثيرة وليس فقط غياب التوافق بين الأحزاب المتنازعة. وقد اثبتت عديد النيابات الخصوصية بالقيروان وخصوصا بوسط مدينة عاصمة الأغالبة فشلا في إدارة الشأن البلدي ومعالجة المشاكل لانها منزوعة الصلاحيات ومشتتة المشارب. لتبقى القيروان في حالة مزرية على جميع الأصعدة كأنه قدرها.
وفي القيروان فان الأمور ساءت بقدر كبير في الانتصاب الفوضوي وفي البناء العشوائي. وهي لم تكن نظيمة يوما لا على الأرض ولا في العقلية إلا من رحم ربي من النوايا الصادقة التي تتعرض الى وابل من الأوساخ يوميا. ومن أسباب فشل النيابة الخصوصية في القيروان هي استقالة المواطن من واجبه الوطني. وعدم تحمله مسؤوليته وواجباته البلدية إلى جانب عدم تدخله لمساندة أية بادرة أو مشروع بلدي من اجل مصلحة المجموعة. وللأمانة فانه توجد بعض المبادرات النظيفة والغيورة على المدينة ولكنها قليلة وعملها متقطع بسبب غياب الدعم والمساندة.
فالمواطن يدفع بالفضلات المنزلية إلى خارج منزله ولا يفكر لحظة في المسار الذي ستتخذه تلك الفضلات ودون أن يسال من سيحملها إذا تغيب عون البلدية. بل ويعتبر أن مسؤولية كنس الأوساخ من داخل منزله وخارجه هي مسؤولية البلدية. وللمواطن الحق في التفكير بهذه الطريقة وهو يدفع ما عليه من معاليم، لكن عدم قيامه بواجب دفع المعاليم البلدية يفقده الحق. فلا هو ساهم في النظافة ولا هو ادى ما عليه من واجبات من اجل نظافة مدينته.
والمواطن يبرر رفضه لدفع المعاليم بوجود امتناع من قبل الدائنين بالملايين للبلدية ولم تطالبهم البلدية بأموالها رغم انهم يربحون ويستثمرون من أموال المجموعة دون حسيب او رقيب او تتبع عدلي او إداري. وفي ظل ضعف النيابة الخصوصية الصامتة رغبا ورهبا، تذهب أحلام المواطن في بيئة نظيفة وشارع خالي من التجاوزات. ويتخبط المواطن في المنطقة البلدية لان الريف نظيف بطبعه، من حجم الأوساخ ومن الانتصاب الفوضوي غير الخلاق ومن عشوائية المشاكل والاعتداء على الارصفة ومن المحلات التي تتوالد في شكل مقاه ومحلات أكلة سريعة ومن الاختناق المروري والتوقف العشوائي المؤذي للسيارات قليلة الأدب مع القانون الذي تعلموه في مدارس تعليم السياقة.
المواطن استقال من العمل البلدي وترك التطوع لمن يبحث عن السلطة وعن النفوذ ليمارس (بعضهم) هواية مخالفة القانون. لان هناك مسؤولين بلديين لا يحترمون القانون البلدي فيستولون ويبنون ويهدمون وينتصبون، وهم يعلمون انهم خطاؤون. وبعض النزهاء الراغبين في خدمة البلد أمنا ونظافة لا يجد طريقه الى المسؤولية وتنتزع منه الفرصة وتذهب الى من هم دونه في سمو الهدف محاصصة وتكتلات.
وتواصلت الخلافات لتعمق سوء الخدمات البلدية. ولقد بات التوافق ضروريا على قاعدة تشريك جميع الأطراف. والمواطن هو من انتخب الأحزاب وهو من يشارك في الجمعيات ولا يجب ان يطمئن لمن اوكل اليه المسؤولية ووجب عليه متابعته وتقييم أدائه وانتقاده. ووجب على المواطن ان يحرص على دفع ما عليه وان يحرص على دفع جاره وأقاربه توعية وتربية لأبنائه وبناء للوعي لدى الأجيال.
ان فشل البلدية سببه فشل المواطن لان المسؤول البلدي هو في الأخير اختير من بين المواطنين. وعلى المجموعة ان تحسن الاختيار وعليها ان تجتمع على مصلحة البلاد والمدينة. وكما علمنا رسولنا الأكرم فانه "لا تجتمع الأمة على ضلال".
• ناجح الزغدودي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire