ابحث cherche

mercredi 2 mai 2012

الاول من ماي مع ناجح الزغدودي


من شرفة مقر الاتحاد العام التونسي للشغل يوم 01 ماي 2012، أعطيت الإشارة لتعلو ساحة محمد علي الشماريخ والأعلام وبالونات الاحتفال. محلات مغلقة وشوارع خالية من السيارات سوى سيارات الشرطة. من هناك انطلقت الحناجر المشاركة في مسيرة عيد الشغالين العالمي. ورفعت لا فتات وأعلام بالأبيض والأحمر، الوطن والاتحاد والتعددية. الحزبية وحرية اللباس بمختلف الألوان...والشعارات.
أعوان الأمن على أرصفة ومداخل الشوارع والانهج المطلة على ساحة "الحبيب بورقيبة" يراقبون بعددهم الكبير آلاف المتظاهرين الموزعين على شارع بورقيبة يقطعونه طولا وعرضا في استعراضات بعضها منظمة وأخرى عشوائية.
انطلقت المسيرة الساعة العاشرة والنصف من ساحة محمد علي تهتف بأصوات عالية ومتعددة، بعضها غاضب وبعضها الآخر يدعو إلى الحياد، ترقبها أعين من مئات المواطنين الآخرين شكلوا أحزمة غير منظمة بين "محمد علي" وبورقيبة" بعضها يحمل آلات تصوير يسابق بها الصحفيين ويحتفظ بصور وشواهد وصحفيون يحتفون بعيد الشغل وهم في شغل شاغل متحدين التعطيلات الرقابية يتسابقون هنا وهناك بحثا عن "سبق" تقنصه عدساتهم كما قنصت إحداها جملة "القناصة إشاعة" بنقطة تعجب مرسومة على قمصان فتيات متجملات.

حرية

أمام مقهى "لونفار" الذي تهالك على كراسيه المبثوثة عشرات المدمنين للهدوء، وقف بمفرده عند حشية الرصيف منتصب القامة دون اعوجاج. "شعب واع وصحافة حرة" يقول في صمت. وثلاثة رجال قطعوا المسير واستسلموا على حاشية الرصيف يتقاسمون قارورة ماء ويتشابهون في أكياس تحتوي خبزا وجبنا يرقبون شجاعة شبان من سيدي بوزيد كانوا يمشون في جنازة حملها بعضهم وقد كتب على الصندوق "التنمية الجهوية" قال عنها العكرمي علالة أصيل قفصة انه لا يعلم أين ستدفن ثم نفث دخان سيجارته. وبجانب رجل قصير القامة يحمل علبة كرتونية يدخن سيجارة يعرض مثيلاتها للبيع وهو يراقب حركة طفل يلاعب بالونة بيضاء يمنة ويسرة كمن يبحث عن الحقيقة. ومواطنين من الحوض المنجمي يطالبون بحسن الاستثمار والتنمية.
وبالقرب من بائع الكاكي الذي اجتمع حوله مجموعة من الشبان يتناقشون، تقدمت امرأة تبحث عن ابنها الشاب الذي التحق بهم، وحثته على عدم الابتعاد عن أخواته خشية الضياع في العاصمة بين آلاف المواطنين.
في عرض الشارع الذي خلت منه السيارات وتخلص من جنون سرعتهم، يمر بائع البالونات في صمت بين صخب المتظاهرين "الشهيد ترك وصية التشغيل أولوية" في هذه المجموعة و"أوفياء لدماء الشهداء" تهتف الأخرى في أذنه، ويتجاوز إلى مجموعة أخرى من المتظاهرين يشهر بالوناته بين الأعلام المرفرفة والأصوات الهاتفة "يا حكومة عار عار" و"الأسعار شعلت نار" قبل أن تستقر بجانبه في الجانب الأيسر من الطريق هتافات "الاتحاد للأحرار لا يمين ولا يسار" وأخرى شغل حرية كرامة وطنية.
وفي غفلة منه أمام نزل الهناء، وهو يحدق بين أفواج المتظاهرين يمنة ويسرة جيئة وذهابا، تارة وينظر إلى شبان نزلوا لتوهم من النزل، تنفلت بالونة وردية فيعيدها إليه احد المواطنين الواقفين لكن الريح نفخت في البالونات الراغبة في التحرر نحو السماء، فامسك بها بشدة فتنفجر إحداها...حرية .

استقلال

وأمام البالمريوم كان هناك أعرج يهتف بصوت أبح "عاش الاتحاد اكبر قوة في البلاد" ومن خلفه حامل لافتة في صمت "لا تنازل عن استقلال الاتحاد". احدهم وصل إلى البنك المركزي القريب من وزارة الداخلية من اجل سحب مبلغ من المال يدخل البطاقة في الموزع الآلي لكن المال لا يأتي آليّا فيحاول مرة أخرى وفتاة ترافقه تتقلد كوفية تبتسم في وجهه ولكن ابتسامتها لم تنفع. يوم 01 ماي يوم عطلة لأنه عيد الشغل العالمي. ولكن اتحاد أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل أصر على العمل وطالب الشباب بالتشغيل في جانب من الطريق بعيدا عن مسيرات متتالية لمجموعة من الأحزاب..
وفي منتصف الشارع المكتظ بالشعارات كانت هناك فتاة كفيفة تستمع إلى الهتافات تتلمس طريقها بمساعدة احد المتظاهرين الذي نبهها إلى وجود كاميرا يرتدي حاملها سترة كتب عليها "صحافة" فأكدت انها ستعبر بحرية وتحدث عن حق المعوقين الذين لم يطالب احد بحقهم في الشغل والكرامة بما في ذلك الشبان الذين كانوا يوزعون المناشير بالقرب منها تحمل أسماء أحزاب.
أمام سينما البلاص وقف يحدث مخاطبه عبر الهاتف يحدثه عن المسيرة، يتأبط جريدة اقتناها من بقال المبنى الذي انهمك يقدم قارورة ماء وعلكة طلبها طفل يرتدي سروالا احمرا برفقة والده وهو يتأمل لافتة فيلم "فاصل ونعود" تعلو البناية القريبة من وزارة الداخلية اين وصلت نهاية المسيرة الضخمة التي انقسمت إلى مسيرات صغيرة منها مسيرة نظمها عدد من التجار كانوا يقرعون الطبول ويرددون شعارات على إيقاع الدبكة واحدهم يرش الماء البارد على المتحمسين. وقبالته "حشاد وصالح بن يوسف وعبد الناصر في لافتات يحركها الريح. وامرأة تنفخ في صفارة أعانتها على الصياح.

الشهيد

وبالقرب من الوزارة تقدمت امرأة لتدافع عن ابنتها "ربيتها لتكون حرة" تقول السيدة التي كانت تغطي رأسها ب"حجاب" وهي تتحدى كهلا كان يدافع عن فكرته وعن حزبه السياسي ويؤكد أن حزبه لا يأخذ الأموال من قطر وإنما هو أمثاله يتبرعون له. يتجمع حولهم عدد من الناس ثم سرعان ما يتحلقوا حول جبة تقليدية تونسية يلبسها كهل يحمل لافتة "محلاها تونسنا العزيزة" كأنه ينافس كهلا آخر لا يلبس جبة رفع إطارا مزوقا "تونسي ليك تونس لي تونس أمانة بين يديك". وامرأة تمسك بيديها فتاة في لباس خفيف تظهر محاسنها، كأنها أمانة تخشى ضياعها. تراقبها فتاة برقة شابين مبتسمين، من خلف النظارات.
عندما وصل المتظاهرون أمام وزارة الداخلية محاصرين بالأسلاك الشائكة التي تعلن تواصل حالة الطوارئ، كان أعوان الأمن قد استقبلوا وزيرهم تماما كما استقبال متظاهرون بعض الوزراء وأعضاء التأسيسي والناشطين من السياسيين والجمعيات الحقوقية وغيرها. كان أعوان الأمن في حلل ملونة قاسية مدججين بملابس واقية وابتسامات يقذفونها على المتظاهرين الذين كانوا يرشقونهم بعبارات "الحرية" وبعضهم ينتبه إلى محتجين يقولون "قتالين أكبادنا وينو حق أولادنا."
مع ميلان الشمس نحو الزوال امتلأت الانهج والشوارع بالمواطنين وامتلأت المحلات بين كان عضوان من المجلس التأسيسي يبحثان عن مقعد في مقهى. وتناقص العدد وانسحب كثيرون بمن في ذلك الشبان الذين أشعلوا "الشماريخ" النارية.
وتحرك بعض أعوان الأمن لفتح الطريق امام حركات العربات التي رغبت في الحركة بعد الانتهاء من المسيرة بينما كان طفل يلاحق بالونة انفصلت عن قصبة كانت تشدها إلى اعلي. وفي حديثه لمواطن يسأله عن الأجواء قال الشرطي "الحمد لله لم يحدث أي شيء اليوم ومرت الاحتفال كأنه عرس."

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire