ابحث cherche

dimanche 1 avril 2012

فاس: مدينة بين عبق التاريخ ووهج التقدم


دخلنا فاس ليلا، تطلعنا من نوافذ الحافلة نبحث عن أسوارها فلم نجد إلا عمارات شاهقة ونزلا عالية وطرقات فسيحة جدا تتوسطها ممرات أوسع تزدان بالزهور والعشب الأخضر والمقاعد، ونافورات مياه ضوئية، سألنا عبد اللطيف "قريصن" السائق فقال لا أسوار هنا فهذه فاس الجديدة أما فاس القديمة فتبعد عنها 10 كلم 

مدينة جديدة ذات مخطط حضري طموح قرأ حسابه للأجيال القادمة فعبد الطرقات وشجع على البناء العمودي فقفزت الطوابق عاليا فوق المساحات التجارية العصرية والشركات والبنوك والمقاهي المصنفة، فلا وجود لمقاه شعبية في فاس الجديدة ولا انتصاب ولا عربات ولا فوضى ولا مزابل .
في أربع دورات متتالية لبلدية فاس ودون تمويلات أخرى راهنت الجماعة الحضرية على المال الفاسي حسب السيد فيصل الكعبي المستشار البلدي الذي التقيناه هناك ليُفعّل توأمة القيروان مع فاس، مدينة عولت على مواردها بإصرارها على استخلاص المعاليم والضرائب المستوجبة وخططت واهتمت بالبنية التحتية وشجعت على الاستثمار في البناءات العمودية لتخلق مدينة متكاملة تنقسم إلى جزأين، واحدة عتيقة وظيفية وثانية إدارية عصرية.
الزائر للمدينة العتيقة يعترضه في باب أبو الجنود " بوجلود"  شباب يقدم خدماته ليسبر معك أغوار الأزقة العتيقة والملتوية وليطوف بك الأربعة عشر بابا لجامع القرويين، ويقف بك أمام باب مولاي إدريس باني فاس، ويتسلل معك إلى سطح تشاهد من خلاله عملية استخراج الجلود ودباغتها بمواد طبيعية مائة بالمائة ، هذه الصناعة التي اشتهرت بها هذه المدينة والتي تراقبها  وغيرها من الصناعات مصالح الصناعات التقليدية بصرامة فلا مجال للغش هناك ولا مجال للبضائع الصينية بفضل إجراءات حازمة منها ضبط مواصفات ومراقبة الجودة باختيار نماذج عشوائية يُشجع كل من اتبعها ويُعاقب المخالف بالغرامات الثقيلة وحتى بالغلق إن عاود الكرة.
في فاس استثمر أهل البلد وغيرهم الدور العتيقة فجعلوها رياضا، والرياض نزل من الدرجة الرفيعة يحافظ على الطراز المورسكي المشتهرة به فاس من سقوف منقوشة وجليز ملون وخشب رفيع وأثاث تقليدي تتضمن غرفا للنوم وقاعات ومطاعم، لا يؤمها إلا أغنياء السياح الذين يفضلونها على النزل العادية، وعلى ذكر السياحة تعتبر فاس وجهة مفضلة عالميا رغم بعدها عن البحر فهي تشبه في طقسها القيروان ولكن رغم ذلك تمتلئ نزلها ورياضها صيفا بفضل البرمجة الثقافية وأهمها مهرجانها العالمي للموسيقى الروحية والصوفية وبفضل أسواقها العتيقة وأزقتها المليئة بالحياة، 
وبفضل خدماتها المتواصلة ليلا نهارا.

مدينة مزدحمة بالماضي والصور والتاريخ، ولكنها تتقدم بسرعة مذهلة فالبناء ما زال متواصلا وإن ذهبت بعد عام ستجد فاسا أخرى متطورة ومتجملة تنمو فيها الحياة بإيقاع سريع.

عادل النقاطي 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire