ابحث cherche

mardi 20 décembre 2011

حوار مع الدكتور محمد الحبيب العلاني


حوار مع الدكتور محمد الحبيب العلاني
المدير الجديد لمركز الدراسات الإسلامية بالقيروان


إنّ التعصّب لا أصل له لأنّه يزيد في اتساع الهوّة

انتخب أخيرا الدكتور محمد الحبيب العلاني مديرا لمركز الدراسات الإسلامية بالقيروان وهو الأستاذ الباحث به منذ سنوات، والمركز أحدث منذ 30 مارس 1990  وقام بعديد الندوات التي شارك فيها مئات الباحثين من مختلف أنحاء العالم ونشر عشرات الكتب التي وثّقت هذه الندوات أو حملت أبحاثا لوحدة البحث بالمركز.
- لو تذكرنا دكتور بأهم أهداف المركز؟
+ يهدف مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان التابع للجامعة الزيتونية إلى التعريف بالحضارة الإسلامية وما قدمته للحضارة الإنسانية في مختلف الميادين وتوفير المعلومات الموضوعية التي تساعد على فهم الإسلام وما يتصل به من علوم ومعارف الفهم الصحيح. والقيام بالدراسات والبحوث في ميدان العلوم الإسلامية. والمساهمة في دعم البحث العلمي في ميدان الدراسات الإسلامية والعمل على تطويره. والتعريف بنتائج الدراسات المنجزة ونشر البحوث وتعميمها. ومساعدة الباحثين وتوفير ما يحتاجون إليه من وثائق ووسائل مناسبة. والتعريف بأعلام تونس وافريقيّة ومؤلفاتهم وإنجازاتهم في كل العلوم ولاسيما علوم القراءات والتفسير والسنة والفقه.
- ماذا يضمّ المركز من باحثين وكتب؟
+ يضمّ المركز سبعة باحثين ومكتبة تحتوي على أكثر من سبعة آلاف عنوان وأفلام لمخطوطات ووثائق في مختلف الاختصاصات التي تهم التراث الإسلامي والفلسفة والتاريخ والأدب وهي تستقبل الباحثين من مختلف الجامعات وطلبة الماجستير والدكتوراه والأساتذة.
- ما مدى مساهمة المركز في النشر؟
+  أصدر مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان منشورات عديدة منها: "فتاوي المازري" تحقيق و جمع الدكتور الطاهر المعموري و"فتاوي شيخ الإسلام محمد العزيزجعيط" دراسة وتحقيق محمد بن إبراهيم بوزغيبة. و"المسائل الفقهية لابن القداح" دراسة وتحقيق الدكتور محمد أبو الأجفان. مع طباعة عديد المحاضرات التي قدمت في الملتقيات المختلفة كملتقى الإمام سحنون وابن أبي زيد القيرواني والذات والآخر في الثقافة الإسلامية. ونحن بين أيدينا الآن محاضرات لملتقيات هامة لم يتم نشرها سنسعى في قادم الأيام على إخراجها للجمهور.

- من مهام المركز تنظيم ندوات فما كانت آخر ندوة؟

+ نعم هناك يوم دراسي بعنوان (مقاربات تأويل النصّ القرآني بين التأصيل والتحديث) انعقدت يوم 13 ديسمبر وضمّت مداخلات تتعلق بالتأويل قديما وآراء بعض الفلاسفة والمتكلمين وجانب آخر يهتم بالقراءة المقاصديّة ثم دراسة أخرى تهتم بالخطاب العربي في نظرته إلى مسألة التأويل وعلاقته بالمنهج التحديثي.

- هل تفكرون وأنتم الآن متحررون من كل الضغوط التي كانت تمارس سابقا على كل المؤسسات التي تشتغل على الخطاب الديني بدعوة شخصيات علمية كانت مصنصرة في السابق؟

+ نعم ومنذ قليل واكبت معي لقائي بأستاذين باحثين بالمركز وقد اقترح بعضهم دعوة الدكتور طارق رمضان ليحاضر نظرا للثقافة الواسعة التي يحملها ولتعمقه في مقاصد الدين وعلومه ، وهو اقتراح يستحق المتابعة لما تحققه هذه الاستضافة من فوائد على جميع المستويات. والمركز بصفة عامة هو مع الإضافة.

- هل تسمح ميزانية المركز التي لا تتجاوز السبعين ألف دينار القيام بكل هذه النشاطات في حين أن هناك مركز مشابه في مدينة مجاورة يتجاوزكم بثلاث أضعاف؟

+ لم تخل المرحلة السابقة من تهميش ونحن نأمل أن تتم مراجعة الأمر ويقع تدعيم المركز ليشع وحتى يساهم في البحث خاصة وأن لدينا العديد من الأعمال الجاهزة للنشر والتي تتطلب دعما ماليا.

- بالإضافة إلى كونك مديرا لهذا المركز فأنت إمام جمعة بجامع الزيتونة بالقيروان وتقدم دروسا في علم القراءات في جامع عقبة. فكيف تخرج من كسوة الباحث لترتدي جبة الواعظ والداعية؟

+ التخصص لا يمنع من تعدد الوظائف خصوصا إذا كانت في نفس المجال وكانت غايتها تقديم تصوّر يتماشى مع الحقيقة الدينية المستمدة من النص القرآني والسنة النبوية المطهرة، فنحن نرتكز على مبادئ وعلى تراث فكري عميق في القيروان وتونس فالتعمق في المعرفة الأكاديمية يساعد الباحث على تقديم الإضافة لعموم الناس في شكل خطب جمعية أو دروس دينية حول القضايا المرتبطة بالفكر الإسلامي ويقدمها بنصوصها التأسيسية الواضحة، ويحاول أن يساهم في تحقيق الوعي انطلاقا من مذهبيّة معتدلة في الفقه والعقيدة.

- هناك اختلافات كبرى بين خطباء الجمعة في تناول المسائل الخلافية مما خلق التباسا بين الناس، أفليس هناك مرجعيات واضحة توحدهم ولا تلبّس على الناس دينهم ودنياهم؟

+ لا بدّ من التفريق بين العلمي والإيديولوجي فلا بدّ أن تلتزم الخطبة الجمعية بالجوانب العلمية أكثر وأن لا تنساق وراء " ما يطلبه المستمعون" فدور الإمام الخطيب هو السعي إلى ترقية وعي المسلم فلا يذهب بهم إلى آراء خلافية تستند إلى خلفيات مذهبية معينة، فيعتمد مسائل دينية وفقهية واضحة لا تحتاج إلى تأويلات ومنازعات.

- ما دور خطيب الجمعة الآن في توجيه الناس إلى قضايا حقيقية وإبعادهم عن قضايا مفتعلة؟

+ في تقديري على الأئمة أن يجتمعوا  وأن يتحاوروا باستمرار وأن يقيّموا خطبهم فيما بينهم وكذلك لا بد من وجود رسكلة متواصلة لأن الإطار الديني له مستويات متفاوتة فلا بد من وجود مرجعية علمية تجمع ولا تفرق وتكون هي الفيصل في صورة وجود خلافات عميقة تحتاج إلى التطارح والنقاش بالرجوع إلى النصوص الدينية وأقوال العلماء والمفكرين.

- تحدثنا عن المقاصد وعن تأويل النصّ الديني لكن هناك الآن من يرفض التأويل اعتقادا منه بوجوب الحكم حسب ظاهر النصّ، والسؤال هل رجعنا الآن إلى هذا المستوى من الخلافات التي تمّ الحسم فيها؟

+ لا نريد أن نتناول هذه المسائل من خلال رؤية فيها التعصّب، ففي الفقه مثلا من المفروض أن نرجع إلى الفقه المقارن، وإلى آراء المجتهدين، وأن نبيّن أنّ الاختلاف في الفروع لا يضر مهما تعمّق ما دامت الأصول ثابتة وإذا وجد اختلاف لا يجب أن نحمل النصّ على محمل واحد ما دام قابلا للتعدد، فلم هذا الحسم الذي لا ينمّ إلاّ عن تصوّر ضيّق للدين.

- نأتي إلى تشبث بعضهم بشكليات فرعية يعتبرونها من أسس الدين كاللباس والهيئة وطريقة العبادة، وفي نفس الوقت يخرجون من يناقشهم في ذلك من الدين، هل نحن في حاجة إلى مثل هذه الخلافات الآن في تونس وحتى في البلدان المسلمة؟

+ نحن في حاجة إلى لمّ الشمل وإلى الاعتراف بالآخر واعتبار أن حق الاختلاف مشروع بنصوص القرآن والسنّة، نعم لوجود حوارات دون عنف أو فرض الرأي لأن ذلك يزيد الهوة بين المختلفين وفي تقديري لن نستطيع معالجة ذلك المنزع  إلا بترقية الوعي والاستزادة من العلم والمعرفة. ثم من حيث المبدأ لا بد أن نراعي جانب الحماسة لدى الشباب فالمخالفة من شيمهم وتعجبهم في الغالب الآراء المنفردة والمخالفة للجماعة في هذه المرحلة من عمرهم، ولكن من يراعي الحقّ يجد أن الحقّ أحقّ أن يُتّبع وديننا أوسع من أن نضيّقه بمثل هذه التصوّرات وهذه الآراء التي فيها تعسّف على النصّ نفسه.

- هل آراء الفقهاء مقدّسة؟
-  بالنسبة إلى المالكية مثلا يرى الإمام أبو بكر بن العربي في مقدمة كتابه أحكام القرآن : أن المالكية لا تعتمد كثيرا على أحاديث كثيرة بل تعتمد على القليل الموثوق به، لأنّ ظاهرة الوضع في الحديث موجودة بكثرة في عصر الإمام مالك ومن بعده، وكلما اتسعت المنظومة الحديثية كلما اتسع الخلاف، إذا بالنسبة للإنسان الذي يريد أن يتبحّر ويتعمق فلا بدّ يدرس الفقه المقارن وينظر في أدلّة كلّ فريق من الفقهاء ويرجّح بين الأدلّة ليخرج في النهاية بالقول الفصل في المسائل المطروحة، واليوم نجد  في كثير من الجامعات الإسلامية عناية  بالفقه المقارن.
إنّ التعصّب لا أصل له لأنّه يزيد في اتساع الهوّة ، ومن يدّعي أنّه يستند إلى حديث نقول له أنّ هناك من يستند إلى أحاديث أخرى في نفس الباب وبالتالي إذا أردنا أن نتجاوز المذهبية فعلينا أن نعيد النظر في المنظومة الفقهية كلّها وأن نرجع إلى الأدلّة التي يستدلّ بها العلماء ومن يكون دليله أقوى هو الذي يُعتمد، وهذا يحتاج إلى علم غزير وتبحّر في المعرفة، وليس من الهيّن والسهل أن نلغي مذهبا أو أصلا في الدّين، كأن نقول عمل المدينة باطل أو القول بخبر الآحاد باطل أو غير ذلك فهذا خور كبير. فالدين أحكامه متسعة والقول الواحد يضيّقه.
حاوره عادل النقاطي


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire