ابحث cherche

jeudi 24 novembre 2011

حول أحداث لوحة مايكل أنجلو بمعهد الفنون والحرف بالقيروان



على إثر الاعتداء بالمعهد العالي للفنون والحرف بالقيروان
تقرير الأستاذة

رغم تفهمي أن يوم الامتحان يعرف فيه الطلبة نوعا من التوتر والإحساس بالضغط ومع إني كنت قد أعلمت طلبتي المرسمين بالسنة الثانية «تصميم صورة» بموعد امتحانهم منذ 5
 أسابيع وفي الأسبوع الفارط قدمت لهم صورة ستعتمد كسند للامتحان
La création d’Adam de Michel Ange
مدتتهم بمجلدي الخاص ليتمكنوا من طباعتها وطلبت منهم أن يقوموا ببحث في خصائصها في غضون الأسبوع ليتسنى لهم الإجابة على أسئلة الاختبار يوم 21علما وان هذا الامتحان ليس للتقييم فحسب وإنما «أداة بيداغوجية» لتركيز ثوابت البرنامج حيث أن أهمية هذا المقترح للدرس في علاقة مباشرة مع اختصاص الطلبة: تصميم صورة  والمادة التي ادرسها «sémiologie» بما انه يعتبر حجرا أساسيا لمجموعة من الصور المتداولة في حياتنا اليومية (مثلا شعار نوكيا)وانه في برنامجي البيداغوجي توجد العديد من الإشارات، الإيحاءات والاعتقادات لهذا العمل سواء في المعلقات أو في أعمال أخرى 
 (Affiches de films ,affiches pub ,critères Logos et B.D)
 في الساعة 10.30 خرج الفوج الأول بعد انجاز الامتحان, وفي وقت الراحة توجهت إلى السيد مدير المعهد العالي للفنون والحرف بالقيروان، علما وأني أدرس في فضاء مشترك يتقاسمه كل من  المعهد العالي للفنون والحرف بالقيروان ومعهد آخر لأعلمه بأنه قد تواجدت اليوم في القاعة في الفريق الأول طالبة مسجلة جديدة «منقبة» وأنني قد قبلتها اليوم لعدم إثارة شغب وبلبلة أثناء الامتحان ولأعلمه كذلك بحالة طالب في الفريق الثاني قد غادر القاعة بعد إرجاع ورقته معبرا عن تضجّره. 
وما راعني عند رجوعي لمراقبة سير الامتحان للفوج الثاني الا وجود 4 طالبات فقط في القاعة، في بادئ الأمر طلبت منهن أن يؤدوا الاختبار وأغلقت نوافذ وباب القاعة إذ كان هناك طلبة في الساحة ، لكن بدأت المشاكسات إذ أنني كلما أغلق نافذة الا وعمد الطلبة الى فتحها من خارج القاعة، اقتربت من طالباتي لأهدئ من روعهن فقالت لي إحداهن: نحن خائفات فقد هددنا هؤلاء الطلبة لأننا مكثنا في القاعة وأنهم أيضا «يتوعدونني» ثم اقتحم هؤلاء القاعة فطلبت منهم المغادرة فأبوا وكانوا يريدون تفسيرات حول هذا الامتحان، حينها طلبت من الطالبات بأن يتوقفن عن الامتحان وأن يذهبن للإدارة للإعلام عما يجري في نفس الوقت بدأ باقي الطلبة بالصراخ فقلت لهم أنه يوم الإمتحان وسنتحاور في الحصّة القادمة. غادرت القاعة وتوجهت للإدارة لأتصل هاتفيا بمدير مؤسستي لإعلامه بما يحدث
في تلك الأثناء توجه هؤلاء الطلبة الى قاعة أستاذ آخر مطالبين طلبتي من الفوج الموالي بأن لا يجروا الامتحان وجاء مدير المؤسسة الثانية وطلب مني استفسارا ففسرت له ما فهمته وقال انه سيجتمع  بهم ليهدئ الموضوع. مكثت في ذلك الوقت بقاعة الأساتذة ثم عاد السيد مدير المؤسسة المذكورة وأعلمني أنهم يريدون النقاش معي شخصيا وطلب مني بان أشرح الموضوع لممثلين عن الطلبة، عندها اقتحم فريق من طلبة، ليسوا من طلبتي، قاعة الأساتذة متوعدين وغاضبين، عندها فهمت أنني في مأزق لكي لا أقول فخ، وخفت وحاولت أن أفكر في طريقة لأخرج من هذا الموقف إذ كان علي أن «ابرر» اختياراتي البيداغوجية لفوج من الساخطين الذين لا ينتمون إلى المعهد العالي للفنون والحرف بالقيروان.
وقمت بالتفسير، ولم يكن الكلام في ذلك الوقت بالأمر الهين إذ كان يتخلل سماعي أو استجوابي انقطاعا بتدخلات عنيفة من أصابع قرب وجهي وصراخ واستنطاقي إن كنت «مسلمة» أم لا ثم حاولوا إرغامي لفظيّا بالتحول معهم الى قاعة الدّرس لأقوم باعتذارات أمام الملإ لمساسي بعقيدتهم، عندها جاء مدير مؤسستي السيد الصحبي العلاني وحاول بكل قواه وفصاحته الخروج من هذا الموقف وبرغم كل ذلك طالب هؤلاء بان أعيد الامتحان لطلبتي وان أغير الموضوع وان لا احتسب هذا الأخير في التقييم، وتعهد لهم بذلك مدير المؤسسة الثانية.
بعد ذلك عاد سخط المجموعة وتعالت الأصوات تطالبني بأن أعلن إسلامي بنطق الشهادة
وخف الصخب حين تعهد طالب عندي بأن يمدهم في كل حصة بتقرير حول محتوى الدرس، ولم أتمكن من مغادرة  المؤسسة إلا بحماية مجموعة من طلبتي الذين نالوا قسطا من السب والشتم لحمايتهم لأستاذة لا تستدعي الاحترام لأنها ليست «مغطاة» أو «محجبة»

المجلس العلمي: ضرورة عدم الخلط بين المقتضيات
الفنية والاعتبارات العقائدية
اجتمع المجلس العلمي للمعهد العالي للفنون والحرف بالقيروان في جلسة استثنائية طارئة للنظر في الأحداث الخطيرة التي جدّت صبيحة يوم الاثنين 12 نوفمبر 1102 بالمقر الفرعي للمعهد والتي تمثّلت في تعمد مجموعات من طلبة المعهد العالي للتكنولوجيا التطبيقيّة بالقيروان، وطلبة المعهد العالي للدراسات القانونية والسياسيّة بالقيروان وعدد من طلبة معهد الفنون والحرف معزّزين بأشخاص غرباء عن المؤسّسات المذكورة من ذوي الانتماءات المعروفة، تعمّدهم اقتحام الحرم الجامعيّ والهجوم على إحدى قاعات التدريس وإخراج إحدى الزميلات عنوة أثناء قيامها بإجراء الامتحانات في مادّة «دلالات الصورة» دون أدنى مراعاة لحرمة المكان وهيبة إطار التدريس، حجّتهم في ذلك أنّ الاختبار الذي كان الطلبة بصدده  يتضمّن صورة فيها تجسيد للذات الالهيّة.
وأمام الفوضى العارمة التي سادت المكان، خيّرت الزميلة الاحتماء بقاعة الأساتذة، ولكنّ الطلبة أو المجموعة التي جاءت لدعمهم ونصرتهم من الخارج قاموا بمطاردتها ومحاصرتها ثمّ تعمّد بعضهم اقتحام قاعة الأساتذة. ولم يكتفوا بالتهجّم على الزميلة ورميها بشتى النعوت وطعنها في عقيدتها بل بلغ بهم الأمر حدّ المواجهة اللفظيّة مع بعض الأساتذة الموجودين بالمكان، والذين حاولوا بشتى وسائل الإقناع والحوار ثنيهم عن صنيعهم وتخفيف حالة الإحتقان والفوضى والتوتر الشديد الذي بدا عليه المهاجمون.
ورغم محاولات التهدئة وتدخل بعض الأطراف لتوضيح مضامين البرنامج الدّراسي في مادتي الفنون التشكيلية والتصميم وبيان بعدها عن أية خلفيات دينية وعقائدية مباشرة أو غير مباشرة، فإن الطلبة الذين قاموا بالهجوم أصروا على «إستتابة» الأستاذة وطلبوا منها أن تجهر بتمسكها بالإسلام دينا وأن تنطق الشهادتين أمام الحضور وأن تعتذر علنا عمّا بدر منها من طعن في العقيدة الإسلامية - حسب رأيهم-
وبعد جدل كبير تمكنت الأستاذة من مغادرة مقر المعهد تحت حماية عدد من طلبتها وزملائها والإداريين.
وإزاء هذه الأحداث الخطيرة وغير المسبوقة التي لم تشهد معاهد الفنون الجميلة ومعاهد الفنون والحرف مثيلا لها منذ تأسيسها في أواخر الستينات من القرن المنصرم، يؤكد المجلس العلمي للمعهد العالي للفنون والحرف بالقيروان ما يلي: 
 1ـ إدانته الشديدة للأحداث التي جدت بالمعهد والتي تتجاوز شخص الزميلة لتمس من خلالها كافة إطار التدريس.
 2ـ تضامنه المطلق مع الزميلة ودعمه لها في ما تعرضت له من تجريح وتهديد وطعن في معتقداتها وإستنطاق لشخصها وتعد سافر على كرامتها. 
 3ـ دعوته كافة الأشخاص الغريبين عن مجال الفنون التشكيلية وغير المطلعين إطلاعا كافيا عليها إلى عدم التسرع في إصدار الأحكام وإلى عدم الخلط بين المقتضيات الفنية والاعتبارات العقائديّة التي لا نسمح – كمسلمين – بأن يطعن فيها أحد كائنا من كان كما نرفض توظيفها توظيفا فئويا ضيقا ليست لها من غاية سوى تجييش المشاعر وبث الفرقة.
 4ـ تذكير بأن تدريس الفنون التشكيلية في كافة جامعات العالم يستوجب العودة إلى الآثار الفنية الكبرى (ومن بينها الرسام ميكال أنجلو الذي كان موضوع الإمتحان) لتحليلها ونقدها وبيان مكانتها في تاريخ الفن دون أن يعني ذلك أن الأستاذ الذي يدرّس يعتنق المضامين العقائديّة التي قد تنطوي عليها أو يتبنى الخلفيّة الفكرية التي تتأسس عليها. فعملية التدريس لا تتجاوز السياقات البيداغوجية التي تكتنفها، والضوابط العلمية التي تحكمها، والمعايير التقنية التي تحدد موقفنا الجمالي منها.
 5ـ إلحاحه على ضرورة تحييد الفضاء الجامعي (وفضاء تدريس الفن على وجه الخصوص) من النزاعات الفكرية والتجاذبات الإيديولوجيّة حتى يتسنى للجامعة أن تحقق دورها في بناء أجيال رشيدة ومتوازنة في تكوينها الأكاديمي وفي سلوكها المواطني.
 6ـ تحميله كافة الأطراف التي يهمّها أمر الجامعة التونسيّة مسؤولياتها كاملة في مثل هذا الظرف التاريخي الذي تمرّ به بلادنا من أجل تضافر الجهود في الدفاع عن قيم الحريّة والحقّ والخير والجمال.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire