ابحث cherche

dimanche 6 novembre 2011


في مدينة القيروان
شيخ السبعين بين الوحدة والفقر: الحياة حرمته دفء العائلة ولقمة العيش

·       زوجته هجرته لأنها لم تحتمل معاناته
·       لم يرزق بالأطفال ولا تغطية اجتماعية له ولا كفيل
القيروان-الشروق:
وسط محل ضيق يفتقر الى ابسط معاني الكرامة يسميه مسكنا، وتنعدم فيه الحياة، يواصل الشيخ المسكين حياة العزلة وشظف العيش والوحدة. زاده الصبر. فراشه الأرض. ماؤه قطرات الدمع. لحافه القناعة. طعامه عطاء الجيران. يتسلى بمسبحته ويسافر من خلالها بعيدا عن الحرمان والوحدة.
منذ 30 عاما وهو على هذه الحال. الزوجة تركته هربا من فقره والأطفال الذين هم زينة الحياة الدنيا لم يرزق بهم. تنقل بين مكاتب المسؤولين طلبا للعون والغوث، لكن صوته ظل حبيس صدره امام الأبواب الموصدة وتغافل المسؤولين عنه، قبل الثورة وبعدها.
هذه بعض جوانب معاناة الشيخ الحبيب قريشي (72 عاما)، أصيل نهج ابي لبابة بمدينة القيروان الذي يعيش حياة الشظف والوحدة اقل ما يقال عنها انها تراجيديا منذ أكثر من ثلاثة عقود. ومن حسن حظه انه لا يسكن في منطقة نائية وانما وسط ضجيج المدينة وضوضائها.
يقطن الشيخ الحبيب في مكان اشبه بالمغارة. تغيب عنه المرافق الأساسية لا ماء فيه ولا كهرباء ولا مذياع؟ يستضيء بضوء النهار وينام بالليل على الطوى الا من هبات الجيران. يفترش ما يشبه السرير ينفض غباره ليلا ويجمع أجزاءه من قطع الخشب عند الصباح. غطاؤه أسبال لحاف بالية وآوانيه الفارغة ملأها الغبار اما الموقد فحدث ولا حرج...لانه لا يصلح لطبخ الشاي او القهوة المرة.
والمحل ليس سوى محل بيع للدجاج تركه صاحبه منذ سنوات ووجد فيه الشيخ ملجأ دون سكينة يدفع ثمن كرائه من جيب لا مال فيه الا من هبات. فلا شغل يقدر عليه جسده المتهاوي سوى الانتظار. ولا منحة عائلية ولا تغطية اجتماعية. بل لا عائلة له ولا معيل او كفيل سوى قطط الجيران تشكو قلة الفئران في بيته.
الصدفة وحدها وضعتنا أمام هذه الحالة التي لها من الفرادة ما يميزها. فإضافة الى الفقر وغياب أسباب الحياة، فان الشيخ الحبيب القريشي الذي جاوز السبعين يعيش وحيدا تؤنسه مسبحته وبعض الأصدقاء يلتقون على مواضيع النقاش. لا اهل ولا اولاد ولا من يرافق شيبته.
70 عاما من الوحدة
منذ سنوات كانت له زوجة لكنها لم تتحمل وضعه المزري ففرت بجلدها الى أهلها بالقصرين وتركته يجتر الوحدة في ذلك المكان البارد لا أطفال يؤنسون وحشة الحياة ويكفلون شيبته بعد فناء عزيمته. ولا دفء ولا كرامة في ذلك المحل الموحش المهين.
وأكد الشيخ القريشي انه ليس لديه اهل يعود إليهم او يعودونه. وعن تمتعه بالتغطية الاجتماعية، اكد انه ليس لديه دفتر علاج ولا منحة عائلية. وبين انه لم يزر المستشفى يوما ويأكل المرض عافيته دون ان يجد دواء او يعرف له سبيلا.
وبين الشيخ وهو يشير الى محيط "مسكنه" وما يحتويه، انه قبل الثورة اتصل بالمسؤولين مسؤولا مسؤولا وطرق مكاتبهم بابا بابا ووزع بينهم مطالبه من اجل الحصول على مساعدة اجتماعية يقيم بها حياته التعيسة. وبعد ثورة الكرامة، طلب الشيخ الوحيد المنحة الاجتماعية فلم يحصل عليها تواصلت التعطيلات الإدارية وتشعبت المسالك المؤدية الى المسؤولين. ولم يتمكم من لقاء الوالي بسبب زحام المطالب.
أمل ومساعدة
ويأمل الشيخ الذي طال صبره وهرم من اجل لحظة يتذوق فيها طعم الكرامة والحياة اللائقة، وأمام معاناته التي طال عمرها، فانه لا يطلب سوى مساعدة عاجلة سواء بمنحة عائلية تساعده على مجابهة صعوبات الحياة وقد بلغ من العمر عتيا وعجز عن توفير مورد الرزق، اما المسكن وان كان حقا وحلما يروم تحقيقه، والذي يصنفه من الضرورات، لكنه يؤكد انه مطلب صعب في انتظار تحسن الأوضاع.
وختم الشيخ حكايته مستظهرا بوثائقه انه من المناضلين القدامى انه شارك في معركة بنزرت وانه من قدماء المنخرطين في اتحاد الشغل كما استظهر بوثائق تشير الى هضم حقوقه من قبل شركة أشغال عمل معها في فترة فتوتهن كان من المفترض ان توفر له جراية عند التقاعد لكن حقوقه هضمت في زمن سلب الحقوق والحريات.
 فهل سيفارق الشيخ المعاناة ويعيش بكرامة في ثورة الكرامة ام ان الثورة لم تغير ما بالقوم من عهد؟
*ناجح الزغــدودي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire